همسات فوق اوراق الصمت ===رؤى نيسانية ===للشاعر\عبد القادر الاسود

رؤى نيسانيّة

رُؤًى يا عيدُ أَمْ زُهْرُ الأَماني
أمِ ابْتَسَمَتْ ثُغورُ الأُقْحُوانِ؟

أَمِ انْتَثرَتْ نُجومُ الليلِ فَجْرًا
على صَدْرِ المَرابعِ والمَغاني؟

أَمِ ارْتَعَشَ اليَمامُ لِهَمْسِ طَيْفٍ
فراحَ يَبُثُّـُهُ شوقَ الجَنانِ؟

وهَسْهَسَتِ الغُصونُ لَهُ حَنانا
فرَجَّعتِ الطُيورُ صَدى الحَنانِ

وصَفَّقَتِ الجَداوِلُ والسَّواقي
بِراحاتِ اللآلئِ والجُمانِ

وراقَصَتِ النَسائمُ في ضُحاها
على النَّجْوى قُدودَ الخَيْزُرانِ

وقد لَثَمَ النَدَى خَدَّ الأَقاحي
وهامَ هَوًى بِسِحْرِ البَيْلَسانِ

صباحاتٌ تُذيبُ السِحْرَ عِطْرًا
وتسْكُبُهُ عَلى وَرْدِ الجِنانِ

***

فما نَيسـانُ مِنْ دُنيـاكَ إِلَّا
عَـروسُ الدَّهرِ حَسْناءُ الزَمانِ

وما نَيْسانُ إلَّا كَفُّ رَبِّي
بِها تُجْلى المَحـاسِنُ للعِيانِ

***

فيا نَيْسانُ أَهْلًا ثمَّ أَهْلًا
بِخُرَّدِكَ الغَريراتِ الحِسانِ

حِسانُكَ بَلْسَمٌ لِشِفاءِ قَلبي
وبرْءُ جراحِهِ مِمّا يُعاني

***
يهونُ على الفتى ـ مَهْما تَوالتْ
سِهامُ عَدُوِّهِ ومُدَى الجَبانِ

ويَسْهُلُ في الكريهةِ كلُّ صَعْبٍ
إذا ابْتَسَمَتْ شَبَاةُ الهُنْدُواني

فمَا خُلِقَ الفَتى إلَّا لِيَوْمٍ
يُنادى فيهِ حَيَّ عَلى الطِعانِ

وتُنْسيكَ الليالي كلَّ هَمٍّ
وتَذكُرُ غَدْرَ صاحِبِكَ المُداني

ذوو القُرْبى إذا غَدَروا وخانوا
أشدُّ عليكَ مِنْ وَقْعِ السِّنانِ

إذا سُفِحَتْ لِعِرْضِهِمُ دِماءٌ
تَنَادَوْا للشَّرابِ وللقِيانِ

ويَحْتَفِلونَ أَنْ سَلِمُوا بِرَأْسٍ
مُعَمَّمَةٍ كَفارِغَةِ الجِفانِ

ومَنْ يَقْتُلْ أَباهُ فَليسَ بِدْعًا
إذا باعَ البلادَ بِصَـوْلَجانِ

***

فيا عيدَ الجَلاءِ إليكَ عُذْري
إذا أَمْسَى بِلا عِيدٍ بَياني

***

لِمَنْ يا عيدُ أُسْمِعُ شَجْوَ لَحْني؟
لِمَنْ أُهْدِي بِطاقاتِ التَهاني؟

وحولي ثاكِلاتٌ أَوْ أَيامى
غَريراتٌ طَرِيَّاتُ البَنانِ

على أَشْلاءِ قَتْلاها تَرَامَتْ
وهامَتْ بَيْنَ أَنْقاضِ المَباني

هُنَا جَسَدٌ بِلا رَأْسٍ لِطِفْلٍ
وثَمَّ يَدٌ تُقَعْقِعُ كَالـشِّنانِ

عَويلٌ يَثْقُبُ الآذانَ يَعْلوا
عَلى الناقوسِ أَوْ رَجْعِ الأَذانِ

مَصائبُ، بَلْ مَجازِرُ، بَلْ هَوانٌ
وقَوْمي صابِرونَ عَلى الهَوانِ

***

فَكم رُحْنا نُناجِزُهم بِشَكْوى
لِمَجْلِسِ أَمْنِهم عَدَّ الثواني

وكم عُدْنا وفي يَدِنا قَرارٌ
بِخَتْمٍ دُونَهُ نَعْلُ الحِصانِ

قَراراتٌ بها تَرْتدُ عَنّا
شُرورُ الخلقِ مِنْ أُنْسٍ وجَانِ

***

وكيف نَخافُهم ولنا لسانٌ
طَويلٌ سَنَّهُ طولُ المِرانِ

وأَبطالٌ لَنا تَخْتَالُ زَهْوا
بساحاتِ المَلاعِبِ والدِّمانِ

يَهزُّون الشِّباكَ بِغيرِ خَوْفٍ
ولو كانت شِبَاكَ الأَمْرِكانِ

فيَعلوا صَوْتُنا إما انْتَصَرْنا
على صَـوْتِ البَواخِرِ في المَواني

وَنسْخوا بالرَّصاصِ كأنْ رَجَعْنا
إلى الأَقْصى .. عَلى قُضبانِ بانِ

إذا بَرُزوا بِصاروخٍ بَرَزنا
نسبُهُمُ على لحن الكمان

شبابهُمُ لإعْمارٍ وحَرْبٍ
ونحن لنا التنافُسُ بالأغاني

***

فيا نيسانُ ـ عَفْوَكَ، قد كَواني
لَظًى، فالنارُ تَسْري في كَياني

كَعُرْب اليَومِ لم تُبْصرْ عُيوني
ولا حَفِلَتْ بمثِلهِمُ (الأغاني)

ولا ذِكْرٌ لِذِي سَمْعٍ تَنَاهى
كمُنْتِنِ ذِكْرِهم في كُلِّ آنِ

جُنونُ العِشْقِ في الدُنْيا فُنُونٌ
وليس لِمَسِّهم في العِشْقِ ثانِ

بِأَحْذِيَةِ الجُناةِ لهم غَرامٌ
غرامَ ذَوي الفُحُولَةِ بالغَواني

نُحَاصِرُ مَنْ أَرادوا مِنْ بَنِينا
ونَمْنَعُ عَنْهُمُ حَتَّى الأَماني

ونَأْسِرُ، بَلْ وَنَذْبَحُ مَنْ يَلينا
إذا رَغِبوا، ونُخْلِصُ بالتَفاني

فَقاتِلُ أَهْلِنا خِلٌّ وفِيٌّ
وطالِبُ ثَأْرِهم بالحَقِّ جَانِ

فأَيُّ العُرْبِ عُرْبَ الخِزْيِ أنتم؟
أَلَا يا نَسْلَ زانيَةٍ وزَانِ

بأَيِّ الدِّينِ ـ عُرْبَ الخِزْيِ، دِنْتُم؟
وأَيُّكُمُ الأَمينُ عَلى القُرَانِ؟

وأَيَّ دَمٍ ـ سِوى دَمِنا، حَمَلْتُمْ؟
دَمَ الخِنزيرِ؟ بَلْهُ دَمُ الأَتَانِ

تُسَمُّونَ الهَوانَ الصِّرْفَ سِلْمًا!
فأيُ السِّلْمِ سَلْمُ الأُفْعُوان؟!

إذا لم تملُكوا في الحربِ طَوْلًا
وصار سلاحُكم موسى الخِتانِ

فمَنُّوا النَّفْسَ يومًا أَنْ تَذودوا
ولو بالرمح والسيفِ اليماني

ولا تُلقوا السلامَ إلى عدوٍ
يَروغُ عليكمُ كالثُعلُبان

إذا لم تُغضبوه فلا تَبَارَوا
لطاعته كأفراس الرِّهانِ

***

أنا يا شامُ مفتونٌ مُعنّى
ومجدُك سِرُّ حُبّي وافْتِتاني

إليك الدينُ يأْرِزُ إنْ تَدَاعى
عليه الكفرُ آخِرَةَ الزَمانِ

سلامُك مثلُ حربِكِ مجدُ حُرٍ
وأنـتِ وسرُّ مجدِكِ خالدان

عبد القادر الأسود

أضف تعليق